الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****
انظر: أطعمة، مياه، معفوّات.
انظر: جنايات، ديات.
1 - الزّندقة لغةً: الضّيق، وقيل: الزّنديق منه، لأنّه ضيّق على نفسه، وفي التّهذيب: الزّنديق معروف، وزندقته أنّه لا يؤمن بالآخرة ووحدانيّة الخالق، وقد تزندق، والاسم: الزّندقة، قال ثعلب: ليس في كلام العرب زنديق، وإنّما تقول العرب: زندق وزندقيّ إذا كان شديد البخل، فإذا أرادت العرب معنى ما تقول العامّة قالوا: ملحد ودَهريّ " بفتح الدّال"، فإذا أرادوا معنى السّنّ قالوا: دُهريّ " بضمّ الدّال ". والزّندقة عند جمهور الفقهاء إظهار الإسلام وإبطان الكفر، فالزّنديق هو من يظهر الإسلام ويبطن الكفر. قال الدّسوقيّ: وهو المسمّى في الصّدر الأوّل منافقاً،ويسمّيه الفقهاء زنديقاً. وعند الحنفيّة وبعض الشّافعيّة الزّندقة: عدم التّديّن بدين، أو هي القول ببقاء الدّهر واعتقاد أنّ الأموال والحرم مشتركة.
أ - الرّدّة: 2 - الارتداد في اللّغة: التّحوّل والرّجوع، والاسم: الرّدّة. والمعنى الاصطلاحيّ للرّدّة هو رجوع المسلم عن دينه. وبين الرّدّة والزّندقة عموم وخصوص وجهيّ يجتمعان في المرتدّ إذا أخفى كفره وأظهر الإسلام، وينفرد المرتدّ فيمن ارتدّ علانيةً، وينفرد الزّنديق فيمن لم يسبق له إسلام صحيح. ب - الإلحاد: 3 - الإلحاد لغةً: الميل. قال ابن السّكّيت: الملحد العادل عن الحقّ المدخل فيه ما ليس منه، يقال: ألحد في الدّين ولحد أي حاد عنه. وقال ابن عابدين في حاشيته: الملحد من مال عن الشّرع القويم إلى جهة من جهات الكفر، من ألحد في الدّين أي حاد وعدل، لا يشترط فيه الاعتراف بنبوّة نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم ولا بوجود الصّانع تعالى، ولا إضمار الكفر، فالملحد أوسع فرق الكفر فهو أعمّ. ج - النّفاق: 4 - النّفاق: فعل المنافق، والنّفاق: الدّخول في الإسلام من وجه والخروج عنه من آخر، مشتقّ من نافقاء اليربوع، وقد نافق منافقةً ونفاقاً، وهو اسم إسلاميّ لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به وهو الّذي يستر كفره ويظهر إيمانه، وإن كان أصله في اللّغة معروفاً. ولا يخرج استعمال الفقهاء له عن المعنى اللّغويّ. قال ابن عابدين: الفرق بين الزّنديق والمنافق والدّهريّ والملحد مع الاشتراك في إبطان الكفر، أنّ المنافق غير معترف بنبوّة نبيّنا صلى الله عليه وسلم والدّهريّ كذلك مع إنكار إسناد الحوادث إلى الصّانع المختار سبحانه وتعالى، والملحد وهو من مال عن الشّرع القويم إلى جهة من جهات الكفر، من ألحد في الدّين أي حاد وعدل لا يشترط فيه الاعتراف بنبوّة نبيّنا صلى الله عليه وسلم ولا بوجود الصّانع تعالى، وبهذا فارق أيضاً، كما لا يشترط فيه إضمار الكفر وبه فارق المنافق، ولا سبق الإسلام، وبه فارق الدّهريّ المرتدّ فالملحد أوسع فرق الكفر حدّاً أي هو أعمّ من الكلّ.
5 - يتّفق الفقهاء على أنّ الزّندقة كفر، فمن كان مسلماً ثمّ تزندق، بأن صار يبطن الكفر ويظهر الإسلام، أو صار لا يتديّن بدين، فإنّه يعتبر كافراً، إلاّ أنّ الفقهاء اختلفوا في استتابته وفي قبول توبته وبيان ذلك فيما يلي: يفرّق الحنفيّة والمالكيّة بين من تاب قبل الاطّلاع عليه والعلم بزندقته، وبين من أخذ قبل أن يتوب، فمن كان زنديقاً ثمّ تاب إلى اللّه ورجع عن زندقته، وتقدّم معلناً توبته قبل أن يعرف ذلك عنه قبلت توبته ولا يقتل، وهذا هو مذهب المالكيّة وفي رواية عند الحنفيّة، فقد ذكر صاحب الدّرّ المختار نقلاً عن الخانيّة أنّ الفتوى على أنّ الزّنديق إن أخذ بعد أن تاب قبلت توبته - وبهذا قال أبو حنيفة - والقول الثّاني عند الحنفيّة أنّه يقتل ولا تقبل توبته. وإن اطّلع عليه قبل أن يتوب ورفع إلى الحاكم فلا تقبل توبته ويقتل، وطريق العلم بحاله إمّا باعترافه أو بشهادة بعض النّاس عليه، أو يسرّ هو بحاله إلى من أمن إليه. والخلاف في قبول التّوبة وعدمها إنّما هو في حقّ الدّنيا، أمّا فيما بينه وبين اللّه تعالى فتقبل توبته بلا خلاف. هذا مذهب الحنفيّة والمالكيّة. أمّا الشّافعيّة والحنابلة فلم يفرّقوا بين أن يتوب قبل الاطّلاع عليه أو بعد ذلك. والمذهب عند الشّافعيّة قبول توبته، وهو رواية عند الحنابلة. قال ابن قدامة: مفهوم كلام الخرقيّ أنّ الزّنديق إذا تاب قبلت توبته ولم يقتل، وهو إحدى الرّوايتين عن أحمد واختيار أبي بكر الخلّال، وقال: إنّه أولى على مذهب أحمد. ويروى ذلك أيضاً عن عليّ وابن مسعود رضي الله عنهما، والدّليل على قبول توبته وعدم قتله قول اللّه تعالى: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: {فإذا فعلوا ذلك عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلاّ بحقّ الإسلام وحسابهم على اللّه}. وروي «أنّ رجلاً سارّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ما سارّ به حتّى جهر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فإذا هو يستأذنه في قتل رجل من المسلمين، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: أليس يشهد أن لا إله إلاّ اللّه ؟ قال: بلى ولا شهادة له، قال: أليس يصلّي ؟ قال: بلى ولا صلاة له، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: أولئك الّذين نهاني اللّه عن قتلهم» كما يدلّ على قبول توبة الزّنديق قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً، إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ}. والمذهب عند الحنابلة وفي قول عند الشّافعيّة أنّه لا تقبل توبة الزّنديق مطلقاً لقوله تعالى: { إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ} ولأنّ التّوبة عند الخوف عين الزّندقة، ولأنّه لا تظهر منه علامة تبيّن رجوعه وتوبته لأنّه كان مظهراً للإسلام مسرّاً للكفر، فإذا وقف على ذلك فأظهر التّوبة لم يزد على ما كان منه قبلها وهو إظهار الإسلام.
6 - ملك الزّنديق يزول عن ماله زوالاً موقوفاً، فإن مات قبل الاطّلاع عليه ثمّ عرف ذلك عنه أو بعد أن جاء تائباً، أو قتل بعد الاطّلاع عليه وبعد توبته لعدم قبولها منه " عند من يقول بذلك "، فماله لوارثه، وإن عرف أمره فلم يتب ولم ينكر ما شهد به عليه حتّى قتل أو مات، فماله لبيت مال المسلمين. وهذا في الجملة وينظر (إرث، ردّة).
1 - الزّنّار والزّنّارة في اللّغة ما يشدّه المجوسيّ والنّصرانيّ على وسطه. وهذا قريب ممّا ذكره الفقهاء، ففي الدّسوقيّ: الزّنّار خيوط متلوّنة بألوان شتّى يشدّ بها الذّمّيّ وسطه. وفي نهاية المحتاج: الزّنّار خيط غليظ فيه ألوان يشدّ به الذّمّيّ وسطه. وهو يكون فوق الثّياب.
أ - الحزام: 2 - الحزام اسم ما حزّم به، واحتزم الرّجل وتحزّم إذا شدّ وسطه بحبل، ويكون الحزام أيضاً للصّبيّ في مهده، والحزام للسّرج والدّابّة، وحزّم الفرس: شدّ حزامه، وأحزمه جعل له حزاماً. ب - النّطاق: 3 - المنطق والمنطقة والنّطاق: كلّ ما شدّ به الوسط، والنّطاق شبه إزار فيه تكّة كانت المرأة تنتطق به. وفي المحكم: النّطاق شقّة أو ثوب تلبسه المرأة ثمّ تشدّ وسطها بحبل ثمّ ترسل الأعلى على الأسفل إلى الرّكبة. ج - الهميان: 4 - الهميان: كيس تجعل فيه النّفقة ويشدّ على الوسط، وفي اللّسان: الهميان هميان الدّراهم، أي الّذي تجعل فيه النّفقة، وهو أيضاً: شداد السّراويل والمنطقة كانت المرأة تشدّ بها حقويها. إمّا تكّة وإمّا خيط.
5 - ممّا يؤخذ به أهل الذّمّة وجوباً إظهار علامات يعرفون بها، ولا يتركون يتشبّهون بالمسلمين في لباسهم وهيئتهم كي لا يعاملوا معاملة المسلمين. ومن ذلك أنّ الذّمّيّ يؤمر بشدّ الزّنّار في وسطه من فوق الثّياب حتّى يكون ذلك علامةً مميّزةً له، فلا يعامل معاملة المسلمين. كما أنّ المرأة أيضاً تؤخذ بذلك وتشدّه تحت إزارها بحيث يظهر بعضه،وإلاّ لم يكن له فائدة. ومن خالف من أهل الذّمّة وترك الزّنّار بعد أمره به فإنّه يعزّر.
6 - يحرم على المسلم شدّ الزّنّار في وسطه على الهيئة الّتي يلزم بها أهل الذّمّة، لأنّ ذلك تشبّه بهم، وقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «من تشبّه بقوم فهو منهم». وهذا باتّفاق. وقد ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه لا يكفر من شدّ على وسطه زنّارًا على الهيئة الّتي يلزم بها أهل الذّمّة، وإنّما هو عاص بذلك كسائر المعاصي، حيث يحرم عليه التّزيّي بزيّ الكفّار. وقال الحنفيّة على ما جاء في البزّازيّة: وعظ الإمام فاسقاً وندبه إلى التّوبة، فقال: بعد اليوم أضع على رأسي قلنسوة المجوس، وكانت علامةً خاصّةً بهم يكفر، لأنّ وضع تلك القلنسوة كشدّ الزّنّار علامة الكفر. ومن شدّ الزّنّار ودخل دار الحرب كفر، قال الأسروشنيّ: إن فعل ذلك لتخليص الأسير لا يكفر، ولو دخل للتّجارة كفر، ومن لفّ على وسطه حبلاً وقال: هذا زنّار لا يكفر، وأكثرهم على أنّه يكفر، لأنّه تصريح بالكفر. وعند المالكيّة كما قال الدّردير: من علامات الرّدّة صدور فعل يقتضي الكفر كشدّ زنّار، والمراد به ملبوس الكافر الخاصّ به أي إذا فعله حبّاً فيه وميلاً لأهله، وأمّا إن لبسه لعباً فحرام وليس بكفر، قال الدّسوقيّ: يكفر إذا فعله حبّاً فيه سواء أسعى به للكنيسة ونحوها أم لا، وسواء أفعله في بلاد الإسلام أم في بلادهم، فالمدار في الرّدّة على فعله حبّاً فيه وميلاً لأهله كما في البنانيّ عن ابن مرزوق، لكنّ الزّرقانيّ قيّد ذلك بالسّعي به للكنيسة وبفعله في بلاد الإسلام. قال الدّسوقيّ: وإن فعل ذلك لضرورة كأسير عندهم يضطرّ إلى استعمال ثيابهم، فلا حرمة عليه فضلاً عن الرّدّة كما قال ابن مرزوق.
انظر: زيادة.
انظر: نكاح.
1 - الزّوال لغةً: الحركة والذّهاب والاستحالة والاضمحلال. وزال الشّيء عن مكانه، وأزاله غيّره. ويقال: رأيت شبحاً ثمّ زال، أي تحرّك. والزّوائل: النّجوم لزوالها من المشرق. والزّوال: زوال الشّمس، وزوال الملك ونحو ذلك ممّا يزول عن حاله. وزالت الشّمس عن كبد السّماء، وزال الظّلّ. ولا يخرج معناه الشّرعيّ عن معناه اللّغويّ.
وردت الأحكام المتعلّقة بالزّوال في أماكن متعدّدة من كتب الفقه منها: أ - وقت صلاة الظّهر: 2 - أجمع العلماء على أنّ وقت صلاة الظّهر يدخل حين تزول الشّمس عن كبد السّماء، وهو ميل الشّمس عن وسط السّماء إلى جهة المغرب. فلو شرع المصلّي في التّكبير قبل ظهور الزّوال ثمّ ظهر الزّوال عقب التّكبير أو في أثنائه لم يصحّ الظّهر. ويعرف الزّوال بزيادة الظّلّ بعد تناهي نقصانه لأنّ الشّمس إذا طلعت رفع لكلّ شاخص ظلّ طويل إلى جانب المغرب، ثمّ كلّما دامت الشّمس في الارتفاع فالظّلّ ينتقص، فإذا انتهت الشّمس إلى وسط السّماء - وهي حالة الاستواء وانتصاف النّهار - انتهى نقصان الظّلّ ووقف، فإذا زاد الظّلّ أدنى زيادةً إلى الجهة الأخرى دلّ ذلك على الزّوال. قال النّوويّ: إذا أردت معرفة زوال الشّمس فانصب عصا أو غيرها في الشّمس على أرض مستوية وعلّم على طرف ظلّها ثمّ راقبه فإن نقص الظّلّ علمت أنّ الشّمس لم تزل، ولا تزال ترقبه حتّى يزيد فمتى زاد علمت الزّوال. ويختلف قدر ما تزول عليه الشّمس من الظّلّ باختلاف الأزمان والأماكن، فأقصر ما يكون الظّلّ عند الزّوال في الصّيف عند تناهي طول النّهار، وأطول ما يكون في الشّتاء عند تناهي قصر النّهار. وأمّا بالنّسبة للأماكن فكلّما قرب المكان من خطّ الاستواء نقص الظّلّ عند الزّوال. والدّليل على أنّ وقت صلاة الظّهر يدخل عندما تزول الشّمس هو ما روي «عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: أمّني جبريل عند البيت مرّتين، فصلّى الظّهر في الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشّراك، ثمّ صلّى العصر حين كان ظلّ كلّ شيء مثل ظلّه ثمّ قال: وصلّى المرّة الثّانية الظّهر حين كان ظلّ كلّ شيء مثله لوقت العصر بالأمس قال: ثمّ التفت إليّ جبريل فقال: يا محمّد، هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت فيما بين هذين الوقتين». والتّفصيل في مصطلح: (أوقات الصّلاة). ب - حكم السّواك للصّائم بعد الزّوال: 3 - اختلف الفقهاء في حكم السّواك للصّائم بعد الزّوال: فذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّه لا بأس بالسّواك للصّائم في جميع نهاره أي قبل الزّوال وبعد الزّوال، للأحاديث الصّحيحة الكثيرة في فضل السّواك. وذهب الشّافعيّة في المشهور عندهم والحنابلة إلى أنّه يكره للصّائم التّسوّك بعد الزّوال سواء كان ذلك بسواك يابس أو رطب لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم «لخلوف فم الصّائم أطيب عند اللّه من ريح المسك». والخلوف إنّما يظهر غالباً بعد الزّوال. والتّفاصيل في مصطلح: (سواك، وصيام).
1 - الزّوج في اللّغة: الفرد الّذي له قرين، قال تعالى:{وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى} فكلّ منهما زوج، فالرّجل زوج المرأة، وهي زوجه، كما في قوله تعالى: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} ويقال أيضاً: هي زوجته، قال الرّاغب: وهي لغة رديئة. ولا يقال للاثنين: زوج، إنّما يقال: زوجان، قاله ابن سيده، وقيل: الزّوج خلاف الفرد، يقال: فرد أو زوج، ويقال أيضاً: خسّا أو زكا " الخسا الفرد، والزّكا الزّوج " ويقال أيضاً: شفع أو وتر، فكلّ مقترنين متجانسين كانا، أم نقيضين فهما زوج. والزّوج في الحساب ما ينقسم بمتساويين. والزّوج في الاصطلاح: بعل المرأة.
أ - وجوب الطّاعة: 2 - جعل اللّه الرّجل قوّاماً على المرأة بالأمر والتّوجيه والرّعاية، كما يقوم الولاة على الرّعيّة، بما خصّه اللّه به الرّجل من خصائص جسميّة وعقليّة، وبما أوجب عليه من واجبات ماليّة، قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ}. قال البيضاويّ في تفسير الآية: أي يقومون عليهنّ قيام الولاة على الرّعيّة، وعلّلوا ذلك بأمرين: وهبيّ وكسبيّ، فقال: {بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} بسبب تفضيله الرّجال على النّساء بكمال العقل، وحسن التّدبير، ومزيد القوّة، وبما أنفقوا في نكاحهنّ كالمهر والنّفقة، فكان له عليها حقّ الطّاعة في غير معصية اللّه. روى الحاكم عن عائشة رضي الله عنها «أنّها قالت: سألت النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أيّ النّاس أعظم حقّاً على المرأة ؟ قال: زوجها». وقال عليه الصلاة والسلام: «لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لما جعل اللّه لهم عليهنّ من الحقّ». ب - تمكين الزّوج من الاستمتاع: 3 - من حقّ الزّوج على زوجته تمكينه من الاستمتاع، فإذا تزوّج امرأةً وكانت أهلاً للجماع وجب تسليم نفسها إليه بالعقد إذا طلب، وذلك أن يسلّمها مهرها المعجّل وتمهل مدّةً حسب العادة لإصلاح أمرها كاليومين والثّلاثة إذا طلبت ذلك لأنّه من حاجتها، ولأنّ ذلك يسير جرت العادة بمثله. «وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم عند قفوله مرّةً إلى المدينة: أمهلوا حتّى تدخلوا ليلاً - أي عشاءً - لكي تمتشط الشّعثة، وتستحدّ المغيّبة». وما ذلك إلاّ لإصلاح نفسها. (ر: نكاح). وللزّوج إجبار زوجته على الغسل من الحيض والنّفاس، مسلمةً كانت أو ذمّيّةً، لأنّه يمنع الاستمتاع الّذي هو حقّ له، فملك إجبارها على إزالة ما يمنع حقّه. وله إجبار المسلمة البالغة على الغسل من الجنابة، أمّا الذّمّيّة فقال الحنفيّة: لا يجوز له إجبارها على الغسل ممّا ذكر، وهو قول في الجنابة عند كلّ من الشّافعيّة والحنابلة. ج - عدم الإذن لمن يكره الزّوج دخوله: 4 - ومن حقّ الزّوج على زوجته ألاّ تدخل بيته أحداً يكرهه. لحديث: «فأمّا حقّكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذنّ في بيوتكم لمن تكرهون». د - عدم الخروج من البيت إلاّ بإذن الزّوج: 5 - من حقّ الزّوج على زوجته ألاّ تخرج من البيت إلاّ بإذنه. لحديث ابن عبّاس رضي الله عنهما «أنّ امرأةً أتت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول اللّه: ما حقّ الزّوج على الزّوجة ؟ فقال: حقّه عليها ألاّ تخرج من بيتها إلاّ بإذنه، فإن فعلت لعنتها ملائكة السّماء وملائكة الرّحمة، وملائكة العذاب حتّى ترجع». واشترطوا في ذلك أن يكون البيت صالحاً للسّكنى، فإن لم يكن صالحاً للسّكنى كأن خافت سقوطه عليها، أو لم يكن له مرافق، فلها الخروج منه. وقد ذكروا أسباباً لجواز خروج المرأة بغير إذن زوجها من المنزل: منها: الخروج إلى مجلس العلم، إذا وقعت لها نازلة وليس الزّوج فقيهاً. ومنها: الخروج إلى حجّة الفرض إذا وجدت محرماً تخرج معه، وليس للزّوج منعها من ذلك. والتّفصيل في (نفقة، حجّ، نشوز). 6- واختلفوا في عيادة والديها: فقال الحنفيّة: ليس له منعها من عيادة والد زمن ليس له من يقوم عليه، ولا يجب عليها طاعة زوجها إن منعها من ذلك سواء كان الوالد مسلماً أو كافراً، لأنّ القيام بخدمته فرض عليها في مثل هذه الحالة فيقدّم على حقّ الزّوج. وقال الشّافعيّة والحنابلة: ليس لها الخروج لعيادة أبيها المريض إلاّ بإذن الزّوج، وله منعها من ذلك ومن حضور جنازته لحديث: «أنّ رجلاً خرج وأمر امرأته أن لا تخرج من بيتها، فمرض أبوها، فاستأذنت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال لها: أطيعي زوجك فمات أبوها فاستأذنت منه صلى الله عليه وسلم في حضور جنازته فقال لها: أطيعي زوجك فأرسل إليها النّبيّ صلى الله عليه وسلم: إنّ اللّه قد غفر لأبيها بطاعتها لزوجها» ولأنّ طاعة الزّوج واجبة، فلا يجوز ترك الواجب بما ليس بواجب. قالوا: ولكنّه ينبغي ألاّ يمنعها من عيادة والدين مريضين وحضور جنازتهما، لأنّ في ذلك قطيعةً لهما وحملاً لزوجته على مخالفته، وقد أمر اللّه تعالى بالمعاشرة بالمعروف، ومنعها من عيادة والد مريض ليس من المعاشرة بالمعروف في شيء. هـ - التّأديب: 7 - للزّوج تأديب زوجته عند عصيانها أمره بالمعروف لا بالمعصية، لأنّ اللّه تعالى أمر بتأديب النّساء بالهجر والضّرب عند عدم طاعتهنّ، وقد ذكر الحنفيّة أربعة مواضع يجوز فيها للزّوج تأديب زوجته بالضّرب، منها: ترك الزّينة إذا أراد الزّينة، ومنها: ترك الإجابة إذا دعاها إلى الفراش وهي طاهرة. ومنها: ترك الصّلاة، ومنها: الخروج من البيت بغير إذنه. والتّفصيل في مصطلح (تأديب، نشوز). و - خدمة الزّوجة لزوجها: 8 - ليس على المرأة خدمة زوجها من العجن، والخبز، والطّبخ ونحو ذلك، لأنّ المعقود عليه من جهتها هو الاستمتاع فلا يلزمها ما سواه، هذا ما ذهب إليه الجمهور. وقال المالكيّة: على الزّوجة الخدمة الباطنة من عجن وكنس، وفرش، واستقاء ماء من الدّار، أو من الصّحراء إن كانت عادة بلدها كذلك - إلاّ أن تكون من الأشراف الّذين لا يمتهنون نساءهم، فيجب عليه حينئذ إخدامها. ولا يلزمها الاكتساب كالغزل والنّسيج، وأمّا غسل الثّياب وخياطتها فينبغي فيه اتّباع العرف. وينظر تفصيل ذلك في: (نفقة، زوجة). ز - ما يجب على الزّوج لزوجته: 9 - أمّا ما يجب على الزّوج لزوجته فلها مثل الّذي عليه بالمعروف. وينظر تفصيله في (زوجة). ح - ما ينبغي للزّوج في معاملة زوجته: 10 - على الزّوج إكرام زوجته وحسن معاشرتها ومعاملته لها بالمعروف، وتقديم ما يمكن تقديمه إليها ممّا يؤلّف قلبها، قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. ومن مظاهر إكمال الخلق ونموّ الإيمان أن يكون المرء رقيقاً مع أهله، يقول الرّسول صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم خلقاً». وإكرام المرأة دليل على تكامل شخصيّة الرّجل، وإهانتها علامة الخسّة واللّؤم. ومن إكرامها التّلطّف معها ومداعبتها، وجاء في الأثر أنّه صلى الله عليه وسلم قال: «كلّ ما يلهو به الرّجل المسلم باطل، إلاّ رميه بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، فإنّهنّ من الحقّ» ومن إكرامها أن يتجنّب أذاها ولو بالكلمة النّابية. والتّفصيل في مصطلح: (زوجة). ط - إنهاء عقد الزّواج: 11 - من حقوق الزّوج إنهاء عقد الزّواج إذا فسد الحال بين الزّوجين وأصبح بقاؤه مفسدةً محضةً، وضرراً مجرّداً، لأنّه أحرص عادةً على بقاء الزّوجيّة لما أنفق في سبيل الزّواج من المال، وهو أكثر تقديراً لعواقب الأمور، وأبعد عن الطّيش في تصرّف يلحق به ضرراً كبيراً، لقوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ}. وفي الأثر: «الطّلاق لمن أخذ بالسّاق». والتّفصيل في (طلاق).
1 - الزّوجة في اللّغة: امرأة الرّجل، وجمعها زوجات، ويقال لها: زوج، فالرّجل زوج المرأة والمرأة زوجه. هذه هي اللّغة العالية وبها جاء القرآن نحو قوله تعالى: {اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} والجمع فيها أزواج قاله أبو حاتم. وأهل نجد يقولون في المرأة: زوجة بالهاء، وأهل الحرم يتكلّمون بها. وعكس ابن السّكّيت فقال: وأهل الحجاز يقولون للمرأة زوج بغير هاء، وسائر العرب زوجة بالهاء وجمعها زوجات، والفقهاء يقتصرون في الاستعمال عليها للإيضاح وخوف لبس الذّكر بالأنثى.
2 - ذهب عامّة أهل العلم إلى أنّ الزّواج مستحبّ غير واجب، إلاّ إذا خاف على نفسه الوقوع في محظور فيلزمه إعفاف نفسه، ولا يزيد عن زوجة واحدة إن خاف الجور لقوله تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً} وقد تعتريه أحكام أخرى. والتّفصيل في (نكاح).
3 - المرأة سكن للزّوج وحرث له، وأمينته في ماله وعرضه، وموضع سرّه، وعنها يرث أولادها كثيراً من الصّفات، ويكتسبون بعض عاداتهم منها، لهذا حضّت الشّريعة على حسن اختيار الزّوجة، وحدّدت صفات الزّوجة الصّالحة على النّحو التّالي: 4 - يستحبّ أن تكون الزّوجة ذات دين، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدّين تربت يداك» أي أنّ الّذي يرغّب في الزّواج، ويدعو الرّجال إليه أحد هذه الخصال الأربع، فأمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم ألاّ يعدلوا عن ذات الدّين إلى غيرها. 5- أن تكون ولوداً، لحديث: «تزوّجوا الودود، الولود، فإنّي مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة». ويعرف كون البكر ولوداً بكونها من أسرة يعرف نساؤها بكثرة الأولاد. 6- أن تكون بكراً، لخبر: «فهلاّ بكراً تلاعبها وتلاعبك». 7- أن تكون حسيبةً نسيبةً أي طيّبة الأصل بانتسابها إلى العلماء والصّلحاء، وصرّح الشّافعيّة بكراهة الزّواج ببنت الزّنى، واللّقيطة، وبنت الفاسق لخبر: «تخيّروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم». 8- وأن لا تكون ذات قرابة قريبة، لحديث: «لا تنكحوا القرابة القريبة فإنّ الولد يخلق ضاوياً». وصرّح الحنابلة باستحباب اختيار الأجنبيّة فإنّ ولدها أنجب. 9- أن تكون جميلةً لأنّها أسكن لنفسه وأغضّ لبصره، وأكمل لمودّته، ولذلك شرع النّظر قبل العقد، ولحديث: «ما استفاد المؤمن بعد تقوى اللّه خيراً له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها أسرّته، وإن أقسم عليها أبرّته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله». 10 - أن تكون ذات عقل، ويجتنب الحمقاء، لأنّ النّكاح يراد للعشرة الدّائمة، ولا تصلح العشرة مع الحمقاء ولا يطيب العيش معها، وربّما تعدّى إلى ولدها.
11 - للمرأة أن تختار زوجها، جاء في الأثر عن أبي هريرة «أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: لا تنكح الأيّم حتّى تستأمر، ولا تنكح البكر حتّى تستأذن، قالوا: يا رسول اللّه، وكيف إذنها ؟ قال: أن تسكت». وعن عائشة قالت «: يا رسول اللّه، إنّ البكر تستحيي، قال: رضاها صمتها». ولا ينبغي للوليّ أن يزوّج موليته إلاّ التّقيّ الصّالح، جاء في الأثر: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه، إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض». وروي: «من زوّج كريمته من فاسق فقد قطع رحمها». وينبغي أن يستأمر البكر قبل النّكاح ويذكر لها الزّوج فيقول: إنّ فلاناً يخطبك أو يذكرك، وإن زوّجها من غير استئمار فقد أخطأ السّنّة لخبر: «شاوروا النّساء في أبضاعهنّ» وليس له أن يزوّجها بغير كفء إلاّ برضاها، ولا ينعقد الزّواج عند بعض الفقهاء إذا زوّج القاصرة أو البكر بغير كفء، ولها فسخه بعد البلوغ عند بعض الفقهاء، والتّفصيل في مصطلح: (ولاية). وليس له تزويج الثّيّب إلاّ بإذنها لخبر: «الثّيّب أحقّ بنفسها من وليّها» وليس للوليّ أن يعضلها، ويسقط بالعضل حقّه في تزويجها إن رغبت أن تتزوّج كفئاً قال تعالى: {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} والتّفصيل في مصطلح: (نكاح، وليّ).
12 - إذا وقع العقد صحيحاً نافذاً ترتّب عليه آثاره، وتنشأ به حقوق وهي ثلاثة أقسام: أ - حقوق واجبة للزّوجة على زوجها. ب - حقوق مشتركة بينهما. ج - وحقوق واجبة للزّوج على زوجته، وتراجع في مصطلح: (زوج).
13 - أ - حلّ العشرة الزّوجيّة، واستمتاع كلّ منهما بالآخر فيحلّ للزّوجة من زوجها ما يحلّ له منها، وتفصيل هذا الحقّ وحدوده ينظر في مصطلح: (عشرة). ب - حرمة المصاهرة، فالزّوجة تحرم على آباء الزّوج وأجداده وأبنائه، وفروع أبنائه وبناته، ويحرم على الزّوج أمّهات الزّوجة وجدّاتها وبناتها، وبنات آبائها وبناتها، وأن يجمع بينها وبين أختها أو عمّتها أو خالتها. وانظر التّفصيل في مصطلح: (نكاح، ومحرّمات). ج - ثبوت التّوارث بينهما بمجرّد إتمام العقد وإن لم يدخل بالزّوجة، والتّفصيل في: (إرث). د - ثبوت نسب الولد من صاحب الفراش. هـ - حسن المعاشرة، فيجب على الرّجل أن يعاشر زوجته بالمعروف، كما يجب عليها مثل ذلك لقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} والتّفصيل في (نكاح).
14 - للزّوجة على زوجها حقوق ماليّة وهي: المهر، والنّفقة، والسّكنى، وحقوق غير ماليّة: كالعدل في القسم بين الزّوجات، وعدم الإضرار بالزّوجة، وينظر التّفصيل في مصطلح: (عشرة). أ - المهر: 15 - المهر هو المال الّذي تستحقّه الزّوجة على زوجها بالعقد عليها أو بالدّخول بها. وهو حقّ واجب للمرأة على الرّجل عطيّةً من اللّه تعالى مبتدأةً، أو هديّةً أوجبها على الرّجل بقوله تعالى: {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} إظهاراً لخطر هذا العقد ومكانته، وإعزازاً للمرأة وإكراماً لها. والمهر ليس شرطاً في عقد الزّواج ولا ركنًا عند جمهور الفقهاء، وإنّما هو أثر من آثاره المترتّبة عليه، فإذا تمّ العقد بدون ذكر مهر صحّ باتّفاق الجمهور لقوله تعالى: {لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً} فإباحة الطّلاق قبل المسيس وقبل فرض صداق يدلّ على جواز عدم تسمية المهر في العقد. ولكن يستحبّ أن لا يعرى النّكاح عن تسمية الصّداق، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يزوّج بناته وغيرهنّ، ويتزوّج ولم يكن يخلّي النّكاح من صداق. وقال المالكيّة: يفسد النّكاح إن نقص صداقه عن ربع دينار شرعيّ أو ثلاثة دراهم، ويتمّ النّاقص عمّا ذكر وجوباً إن دخل، وإن لم يدخل خيّر بين أن يتمّ فلا فسخ، فإن لم يتمّه فسخ بطلاق ووجب فيه نصف المسمّى، والتّفصيل في (صداق). ب - النّفقة: 16 - من حقوق الزّوجة على زوجها: النّفقة، وقد أجمع علماء الإسلام على وجوب نفقات الزّوجات على أزواجهنّ بشروط يذكرونها في باب النّفقة. والحكمة في وجوب النّفقة لها أنّ المرأة محبوسة على الزّوج بمقتضى عقد الزّواج، ممنوعة من الخروج من بيت الزّوجيّة إلاّ بإذن منه للاكتساب، فكان عليه أن ينفق عليها، وعليه كفايتها، فالنّفقة مقابل الاحتباس، فمن احتبس لمنفعة غيره كالقاضي وغيره من العاملين في المصالح العامّة وجبت نفقته. والمقصود بالنّفقة توفير ما تحتاج إليه الزّوجة من طعام، ومسكن، وخدمة، فتجب لها هذه الأشياء وإن كانت غنيّةً، لقوله تعالى: {وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقال عزّ من قائل: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ}. وفي الأثر «أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال في خطبة حجّة الوداع: فاتّقوا اللّه في النّساء فإنّكم أخذتموهنّ بأمان اللّه واستحللتم فروجهنّ بكلمة اللّه، ولكم عليهنّ ألاّ يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهنّ ضرباً غير مبرّح، ولهنّ عليكم رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف». والتّفصيل في مصطلح: (نفقة، سكنى).
17 - من حقّ الزّوجة على زوجها العدل بالتّسوية بينها وبين غيرها من زوجاته، إن كان له زوجات، في المبيت والنّفقة وغير ذلك من ضروب المعاملة المادّيّة، وذلك ما يدلّ عليه قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً} وجاء في الخبر: «إذا كان عند الرّجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقّه ساقط». وقالت عائشة رضي الله عنها: «كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل ويقول: اللّهمّ هذه قسمتي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك». ر: (قسم).
18 - يستحبّ للزّوج تحسين خلقه مع زوجته والرّفق بها، وتقديم ما يمكن تقديمه إليها ممّا يؤلّف قلبها، لقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقوله: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وفي الخبر: «استوصوا بالنّساء خيراً فإنّما هنّ عوان عندكم». وقال عليه الصلاة والسلام: «خياركم خياركم لنسائهم خلقاً». ومن حسن الخلق في معاملة الزّوجة التّلطّف بها ومداعبتها. فقد جاء في الأثر: «كلّ ما يلهو به الرّجل المسلم باطل إلاّ رميه بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، فإنّهنّ من الحقّ». والتّفصيل في: (عشرة).
انظر: دعوة، شهادة، تقرير.
|